أطباء مصريون : إنهم يقتلونهم بقنابل ذرية صغيرة
عبد المنعم محمود
فلسطينيون ينقلون أحد الجرحى
"شاهدنا بأعيننا الهولوكوست (المحرقة) الذي تشنه إسرائيل في غزة.. إنهم يقتلونهم بقنابل DIME الذرية الصغيرة.. الجرحى يأتون إلينا وأجسادهم سائحة كالسوائل، وأجساد آخرين مقطعة وكأن سكينا كبيرا قطّعها"..
بهذه الكلمات المؤلمة عبر عدد من الأطباء المصريين الذين دخلوا قطاع غزة الجمعة الماضية ضمن وفد اتحاد الأطباء العرب للمشاركة في إغاثة ضحايا العدوان الإسرائيلي، عن بعض مشاهد الجرحى التي عرضت عليهم، معربين عن استعدادهم للإدلاء بشهادتهم أمام المحاكم الجنائية الدولية على "جرائم إسرائيل" ضد المدنيين الفلسطينيين.
المشاهدات التي قابلها الأطباء المصريون دفعتهم لتوثيقها عبر كاميرات هواتفهم المحمولة وتقاريرهم الطبية، وهو ما دعا د.يحيى أحمد استشاري الجراحة وأحد أعضاء الوفد الطبي التابع لاتحاد الأطباء إلى القول لـ"إسلام أون لاين.نت": "سنقدم لكم صورا لهذه الجرائم.. وليس لدي مانع أن أذهب للمحكمة الجنائية الدولية لتقديم شهادتي عن هذه الجرائم الإسرائيلية في حق الفلسطينيين".
طالع أيضا:
مستشفيات غزة تعجز عن استيعاب جثث الشهداء
مستشفيات غزة.. بلا كهرباء أو دواء
الاحتلال يمطر غزة بقنابل الفسفور
لؤي يفقد بصره بسبب الفسفور الأبيض
"الجنون" الإسرائيلي يهدد أكبر مستشفيات غزة
مستشفيات غزة.. تئـن وتحتضـر
صرخة طبيب.. دعني أعبر إلى غزة!
الإسعاف في غزة: آسفون.. لا نستطيع إنقاذكم
جرحى غزة "عاجزون عن السفر وليسوا ممنوعين"!
شهد غزة.. منع الاحتلال دفنها فنهشتها الكلاب
د.جلال الدين إبراهيم اختصاصي الطوارئ والجراحة وأحد أعضاء الوفد أكد أنهم سيقدمون كوفد طبي أو فرادى شهادتهم لمنظمات حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية "حتى نأخذ موقفا قانونيا وقضائيا ضد الإجرام الصهيوني في قطاع غزة المحاصر منذ نحو عامين".
من جانبه، قال د.أشرف محمد أحد أعضاء الوفد الذي يشارك في إغاثة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 19 يوما متواصلة مسفرا عن استشهاد 976 فلسطينيا وإصابة 4525 آخرين نصفهم من النساء والأطفال: "شاهدت بعيني ممارسات الهولوكوست الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين".
وأضاف في اتصال هاتفي مع "إسلام أون لاين": "نشاهد إصابات لم تمر علينا طوال حياتنا الطبية الطويلة.. أناس أتوا إلينا وأجسادهم سائحة كالسوائل، وآخرون أجسادهم مقطعة وكأن سكينا كبيرا قام بتمزيقها.. وحالات أتت بدون النصف الأسفل من جسدها.. وحالات أصبحت أنسجتها الداخلية مثل الخيوط المتفرقة..".
وتابع الطبيب المصري: "معظم هذه الإصابات نتج عن استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة أو تجريبية.. إنهم يقتلونهم بقنابل ذرية صغيرة تسمى DIME تتكون من اليورانيوم وشظايا الكربون وغبار المعادن الثقيلة لاسيما التنجستين.. إنها معركة ضد مدنيين وعزل وكأن إسرائيل تنتقم لكونها لم تستطع الوصول إلى المقاومين".
وتدخل قنابل DIME الجسم فلا يمكن كشفها عبر التصوير بالأشعة السينية، وهي شظايا تستمر بالاحتراق داخل الجسم المصاب، وتؤدي إلى الوفاة في النهاية دون أن تظهر آثار جروح خارجية واضحة، وتستخدم في اختراق الأنفاق والتحصينات الدفاعية وليس الأجساد البشرية.
يذكر أن وفدا طبيا مكونا من أكثر من 60 طبيبا متطوعا من مصر والأردن والمغرب واليمن تابعا لاتحاد الأطباء العرب قد دخل غزة الجمعة الماضية لتقديم مساعدات طبية بعد مناشدة باسم نعيم وزير الصحة الفلسطيني في حكومة إسماعيل هنية المقالة باحتياج القطاع الطبي الفلسطيني لكوادر طبية متخصصة.
مشاهد صاعقة
د.محمد عثمان رئيس الوفد الطبي لاتحاد الأطباء من جهته قال: "نشاهد هنا صورا مروعة، قد نمنع كثيرا وسائل الإعلام من نقلها لكونها مروعة وصاعقة وصادمة.. الإسرائيليون يستخدمون أسلحة تدمر أنسجة خلايا الإنسان خلافا للغازات المهيجة والسامة والتي تصيب الشخص بضيق في التنفس وحالة هياج وهستريا".
وأردف: "لا أستطيع وصف حالة بأنها أصعب ما قابلته؛ فكل الحالات صعبة وخطرة.. يأتينا ضحايا وقد انفصل عن أجسادهم نصفه السفلي بشكل كامل.. ومطلوب منا أن نعالج نصفها المتبقي من الجروح والشظايا التي لم تترك جزءًا سليما فيما تبقى من الجسد.. قد يضطر 7 جراحين للتعامل مع حالة واحدة فقط في لحظة واحدة محاولين أن يعود القلب ينبض من جديد".
وشدد د.عثمان على أن "القطاع الطبي في غزة الآن قد لا يحتاج لأطباء؛ نظرا لعدم وجود مستشفيات يقوم هؤلاء الأطباء بتقديم الخدمة الطبية فيها، فنحن نقوم بترحيل حالات حرجة من المستشفى بعد إجراء الإسعافات أو الإجراءات الأولية لاستيعاب حالات جديدة".
وعبر "إسلام أون لاين.نت" ناشد عثمان الجهات الإغاثية في العالم قائلا: "نحن عبر موقعكم نناشد الجهات الإغاثية في العالم الحر بسرعة إمدادنا بمستشفيات متنقلة بها غرف عمليات وعناية مركزة، فالطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحالية لا تستوعب كم الجرحى الذي يتزايد كل دقيقة".
وأوضح أن غزة ليس بها نقطة أمان واحدة: "لا نستطيع التحرك خارج المستشفى؛ فالقصف حولنا في كل مكان.. حتى الأطباء الفلسطينيون لا يخرجون من المستشفى؛ نظرا لعدم ضمانهم أن يعودوا من جديد".
واتفق معه د.أشرف محمد قائلا: "أنا بالتأكيد لا أشعر بالأمان وخاصة بعد أن قصفت إسرائيل مقرات ومدارس منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أسمع صوت القصف في كل لحظة.. داخل المستشفى هنا لا نسمع إلا صوت الأنين، ولا نشم إلا رائحة الموت.. لم أعد أعرف عدد الأيام التي مضت على مكثنا في غزة؛ فهي كالسنين؛ حيث نظل نعمل طوال 24 ساعة بلا توقف، ولا نلاحق على تدفق الجرحى
توثيق الصمود
الأطباء المصريون لم يكونوا شهودا فقط على جرائم إسرائيل، وإنما على صمود الشعب الفلسطيني فقد روى د.أشرف تجربته في هذا الصدد لـ"إسلام أون لاين.نت" قائلا: "برغم هذا الوضع فإننا نقابل شعبا عجيبا، يبث في داخلنا روح المقاومة ويقبل على الموت والاستشهاد بقوة وصمود".
واستشهد ببعض المواقف قائلا: "حاولت إسعاف أم وطفلها (11 سنة) وأخته (10 سنوات) حضرت إلى مستشفى الشفاء وقد هدم الإسرائيليون بيتهم وأصابهم بإصابات شديدة، فاستشهدت الأم أمام عيني الطفلين.. وإذا بهم لا يبكون.. وإنما نظر الطفل لأمه وقال: (حسبنا الله ونعم الوكيل)".
وتابع: "حاولت احتضان البنت الصغيرة فقالت لي الحمد لله إحنا أحسن من غيرنا.. وفي موقف آخر شاهدت أما تبكي على استشهاد طفلتها التي لم تتعد الثلاث سنوات.. فإذا بابنها الذي لا يزيد عمره عن عشر سنوات يأمرها أن تكف عن البكاء قائلا إحنا مش بنبكي إحنا حنأخذ ثأرنا".