التأسيس..
قبل اندلاع الانتفاضة في ديسمبر 1987, عاشت حركة الإخوان المسلمين في فلسطين. حالة من المخاض لولادة نموذج سياسي جديد يتبنى إستراتيجية" الجهاد ", بعد تعثر محاولات فاشلة تركت بصماتها و أيقظت روح المقاومة داخل حركة الإخوان المسلمين في فلسطين.
و قد تميز نهج الإخوان المسلمين تاريخيا بالمهاونة و نبذ استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية و حزبية, باستثناء بعض القرارات التاريخية التي اتخذتها حركة الإخوان المسلمين مثل:
-المشاركة بالقتال لإنقاذ فلسطين في حرب عام 1948.
-استخدام محدود للعنف في مصر خلال حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر و التجربة الاخوانية المؤلمة في تلك المرحلة.
-إقامة " قواعد الشيوخ " في الأردن خلال الفترة (1968-1970)و المشاركة الفاعلة بعمليات فدائية عديدة.-استخدام العنف و على نطاق واسع في سوريا خلال نهاية عقد السبعينات و حتى منتصف عقد الثمانينات.
-المشاركة المباشرة و الدعم غير المباشر للحركة الإسلامية في أفغانستان بقيادة الشهيد عبد الله عزام, و هو من القيادات الفلسطينية في حركة الإخوان المسلمين, و الذي تم اغتياله في أفغانستان عام 1989, و أثارت هذه المشاركة الفاعلة انتقادات –آنذاك-حول مشاركة حركة الإخوان المسلين بما فيهم الجناح الفلسطيني في أفغانستان دون أن يكون لهم دور فاعل في العمل الفدائي في فلسطين يوازي على الأقل المشاركة في أفغانستان, خاصة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية التي انتقدت-آنذاك- ذلك التوجه.
التراجع و الإعداد:
بعد حرب عام 1967 بدأت انطلاقة العمل الفدائي المنظم و على نطاق واسع, خاصة بعد معركة الكرامة في 21 آذار 1968, التي حققت الالتفاف الجماهيري الواسع حمل الكفاح المسلح و العمل الفدائي, حيث شهدت مناطق الأغوار في الأردن توقف أعداد كبيرة من المتطوعين الفلسطينيين و العرب للمشاركة في العمل الفدائي, فاتخذت حركة الإخوان المسلمين قرارها-آنذاك- بالمشاركة بقواعد خاصة بها, في غور الأردن,تحت إشراف و قيادة و تدريب حركة " فتح ",الأقرب لحركة الإخوان المسلمين ضمن فصائل العمل الوطني , و كانت المشاركة"الاخوانية ناجحة إلى حد كبير, و سجلت تنفيذ عمليات فدائية جريئة,طويت صفحتها بانتقال المقاومة الفلسطينية إلى لبنان.
بعدى مرحلة " قواعد الشيوخ " , تراجع نشاط الإخوان المسلمين في الضفة الغربية و قطاع غزة إلى مرحلة الإعداد التربوي, دون خوض مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي , بأي شكل من أشكال المقاومة سواء الكفاح المسلح أو المواجهة الجماهيرية, و تكرست جهود الحركة لكسب أنصار جدد من فئات الطلبة و الشباب تحت شعار " تربية الجيل الجديد ".
استمرت هذه المرحة و هي" مرحلة المساجد " إلى عام 1975,حيث استطاعت الحركة تنظيم فئة واسعة من الشباب على مستوى الجامعات و المعاهد و المدارس الثانوية.
في عام 1975 بدا توجه جديد لمرحلة جديدة و هي " مرحلة المؤسسات ", و التي تميزت بإقامة الكتل الطلابية,الأندية الرياضية و الثقافية, الجمعيات الخيرية, و مراكز عديدة قدر عددها بالمئات في نهاية عقد الثمانينات, كانت مراكز التقاء لمجموعات الشباب الإسلامي.
المخاض:
في أوائل عقد الثمانينات واجهت حركة الإخوان المسلمين في فلسطين مجموعة من التحديات,كادت أن تؤدي بالحركة إلى العزلة الجماهيرية خاصة على مستوى الشباب بسبب الاتجاه العام لفصائل العمل الوطني التي كانت تمارس الكفاح المسلح, إضافة إلى نجاح الثورة الإسلامية في إيران, و ظهور حركة الجهاد الإسلامي ثم سرايا الجهاد الإسلامي,و التي تأثرت هذه الحركات الجهادية بفكر حركات الجهاد و الجماعات الإسلامية في مصر و كذلك بالثورة الإيرانية , عندما اقترح د. فتحي الشقاقي تطبيق التجربة الإيرانية في فلسطين.
و مما أثار قلق حركة الإخوان المسلمين أن تأسيس نواة الجهاد الإسلامي كان من عناصر الإخوان ,فتهددت سيطرة الإخوان المسلمين على الحركة الإسلامية الفلسطينية بعد تأسيس حركات الجهاد,بانفصال بعض قياداتها عن الأخوان المسلمين اعتراضا على نهج الحركة المسالم.
شكل المجمع الإسلامي في غزة الغطاء الذي عملت من خلال قيادات حركة الإخوان المسلمين , و تركز نشاط المجمع الإسلامي في مجال الدعوة و النشاط الاجتماعي الخيري التطوعي ,و بعض النشاطات السياسية.
وبرز نشاط مجموعة من رموز " المجمع الإسلامي" والتي كانت تمثل حركة الإخوان المسلمين وهي نفسها التي شكلت النواة التأسيسية لحركة" حماس " مثل :" الشيخ أحمد ياسين، إبراهيم اليازوري ، د. عبد العزيز الرنتيسي ، د. إبراهيم المقادمة ، سيد أبو مسامح،د. محمود الزهار ،عبد الفتاح دخان".
وأمام ضغط الشباب المتحمس في حركة الأخوان المسلمين بتبني العمل العسكري ، طرحت بعض قيادات حركة الإخوان المسلمين الفكرة ، ولو على نطاق ضيق سعياً لكسب تعاطف واهتمام الشارع الفلسطيني ، فاصطدم هذا الطرح بمعارضة قوية من داخل " المجمع الإسلامي" ، فلم يكن من السهل التوصل إليه في ظل فكر ومنهج حركة الإخوان المسلمين التي نبذت استخدام العنف تاريخياً إلا في نطاق محدود ، حتى توصلت قيادات حركة الإخوان المسلمين في المجمع الإسلامي صاحبة الفكرة إلى إقناع الآخرين بضرورة الاتجاه للعمل العسكري ، باعتبار أن هذا التوجه –آنذاك – كان يعتبر دخيلاً على نهج الإخوان المسلمين.
بداية فاشلة:
في عام 1983 تهيأت الظروف لخوض التجربة للمرة الثانية بعد " قواعد الشيوخ" ، لكن هذه المرة في قطاع غزة ، فكانت أولى هذه المحاولات في ظل الاحتلال الإسرائيلي ..
عقدت بعض قيادات " المجمع الإسلامي " صفقة لشراء بعض الأسلحة ، ونتيجة لضعف الخبرة والكفاءة تعثرت أولى تلك المحاولات ، حيث استطاع المخابرات الإسرائيلية " الشاباك " ومن خلال أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية في غزة والذي كان يرمز لاسمه ب " أبو صبري " أن يخترق الصفقة الأولى بنصب كمين لعملية شراء الأسلحة، وبالتالي تم اعتقال عدد من قيادات " المجمع الإسلامي " مثل :" الشيخ أحمد ياسين، د. إبراهيم المقادمة، عبد الرحمن تمراز، محمد شهاب ، محمد عرب مهرة وغيرهم ".
كانت بداية فاشلة للمشاركة في العمل العسكري ، أجهضت في المهد ، وانتهت باعتقال قيادات وكوادر التنظيم ، لكنها بالمقابل لعبت دوراً في إيقاظ فكرة العمل العسكري لدى باقي عناصر التنظيم ، فتكررت محاولات أخرى وكانت ضعيفة أيضاً ، ولم تحقق نجاح ملموس.
تأسيس الأجهزة:
بعد اعتقال قيادات وكوادر تنظيم الأخوان المسلمين ، بدأ تحول هام بالاتجاه للعمل السري المنظم ، بتأسيس أجهزة التنظيم مثل :
- الجهاز الأمني " مجد" وترأسه يحيى السنوار ، ومارس بعض النشاطات السرية.
- جهز العمل الجماهيري ومهمته التظاهرات والفعاليات الجماهيرية.
- الجهاز العسكري وأطلقت عليه تسمية " مجاهدوا فلسطين " وتأسس عام 1984، وترأسه الشيخ " صلاح شحادة" وتشكل قبل الانتفاضة من مجموعات صغيرة محدودة وهي :
· مجموعة" مجاهدوا المغراقة" بقيادة يحيا الغول وتأسست المجموعة عام 1985 ، وقامت بعملية في العام نفسه.
· المجموعة "44" أسسها الشيخ صلاح شحادة عام 1986.
· المجموعة"101" بقيادة محمد الشراتحة ، وتأسست قبل الانتفاضة بعدة شهور .
وقد سجلت مجموعة من العمليات المتواضعة قبل العام 1987، أعطاها الدفع المطلوب القرار الذي اتخذته قيادة حركة الإخوان المسلمين في كافة أماكن تواجدهم في فلسطين المحتلة إلى المشاركة في المظاهرات والصدامات مع العدو".
بالمقابل كان هنالك النشاط العسكري الواسع والمثير لحركات الجهاد الإسلامي ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تمثل بعمليات جزئية هجوم بالأسلحة الرشاشة والقنابل ، قتل الجنود الإسرائيليين بالطعن بالسكاكين وكانت أكثرها صدى هرب ستة أعضاء في الجهاد الإسلامي من سجن غزة المركزي ، في أيار 1987، وقاموا بعمليات جزئية حتى استشهد أربعة منهم في معركة مع الجيش الإسرائيلي في تشرين الأول 1987.
- جهاز الأحداث .
- جهاز الصاعقة الإسلامية " وحدة الآداب".
- إضافة للأجهزة السابقة ، تاسس الجهاز الإعلامي والسياسي والذي كان يصدر البيانات ويقوم بالمهام الإعلامية ورسم سياسة التنظيم .
حركة " حماس":
بعد حادثة استشهاد الفلسطينيين الأربعة واندلاع المواجهة الجماهيرية مع الاحتلال الإسرائيلي بإطار "الانتفاضة " في 8 ديسمبر1987، وفي مساء اليوم التالي اجتمع المكتب السياسي لحركة " الإخوان المسلمين" ، وقرر أن ردة الفعل الجماهيري الفلسطيني يعتبر اللحظة المطلوبة للمشاركة في المواجهة مع الاحتلال بإطار سياسي وتنظيمي جديد، وفي ذلك الاجتماع تمت صياغة البيان الأول ل" حركة المقاومة الإسلامية " حماس"، واعتبر ذلك الاجتماع هو " الاجتماع التأسيسي لحركة " حماس" ، واعتبر الحاضرون مؤسسي " حماس"وهم:" الشيخ أحمد ياسين، د. عبد العزيز الرنتيسي ، الشيخ صلاح شحادة ، محمد الشمعة، عيسى النشار ، عبد الفتاح دخان، إبراهيم اليازوري".
وقامت حركة "حماس " بتوزيع البيان الأول في قطاع غزة في 11 ديسمبر 1987، وعلى مستوى الضفة الغربية تم توزيع البيان في 14 ديسمبر 1987.
لا يوجد في أدبيات حركة" حماس" ما يشير إلى أي إشارة تتحدث عن تأسيس حركة سياسية جديدة على مستوى " الإخوان المسامين " قبل هذا التاريخ ، أي أن قرار تأسيس وتسمية الحركة الجديدة تم في ذلك الاجتماع الطارئ، ولم تتحدث الأدبيات أيضاً عن أي تشاور مسبق مع كوادر وقيادات أخرى في تنظيم الإخوان المسلمين سبق الاجتماع التأسيسي بهذه الصورة التي تبدو " ارتجالية" ولا تتوافق مع الضبط والربط التنظيمي المعروف داخل حركة الإخوان المسلمين.
لذلك يعتقد بوجود أحداث وحقائق غائبة.
وكانت الغاية من تأسيس حركة "حماس" إيجاد موطئ قدم في الخريطة السياسية الفلسطينية بإطار يتوافق مع التوجه العام لدى الشارع الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية ،أي الدخول للمنافسة السياسية بنفس الأساليب والأدوات في العمل الوطني بإطار إسلامي.
ويعتبر قرار تأسيس " حركة المقاومة الإسلامية" من القرارات التاريخية لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين ، بعد قواعد الشيوخ والمجمع الإسلامي[/size][/[/size]size]
